فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثانية:
اختلفوا في عدد السحرة قال القاسم بن سلام: كانوا سبعين ألفًا مع كل واحد عصا وحبل.
وقال السدي: كانوا بضعة وثلاثين ألفًا مع كل واحد عصا وحبل، وقال وهب: كانوا خمسة عشر ألفًا، وقال ابن جريج وعكرمة كانوا تسعمائة: ثلثمائة من الفرس وثلثمائة من الروم وثلثمائة من الاسكندرية.
وقال الكلبي: كانوا اثنين وسبعين ساحرًا اثنان منهم من القبط وسبعون من بني إسرائيل أكرههم فرعون على ذلك، واعلم أن الاختلاف والتفاوت واقع في عدد كثير وظاهر القرآن لا يدل على شيء منه والأقوال إذا تعارضت تساقطت.
المسألة الثالثة:
قال صاحب الكشاف: يقال في إذا هذه إذا المفاجأة والتحقيق فيها أنها إذا الكائنة بمعنى الوقت الطالبة ناصبًا لها وجملة تضاف إليها خصت في بعض المواضع بأن تكون ناصبًا فعلًا مخصوصًا وهو فعل المفاجأة والجملة ابتدائية لا غير فتقدير قوله تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ} ففاجأ موسى وقت تخيل سعي حبالهم وعصيهم وهذا تمثيل، والمعنى على مفاجأته حبالهم وعصيهم مخيلة إليه السعي اهـ.
المسألة الرابعة:
قرئ عصيهم بالضم وهو الأصل والكسر إتباع نحو دلي ودلي وقسي وقسي وقرئ تخيل بالتاء المنقوطة من فوق بإسناد الفعل إلى الحبال والعصي وقرئ بالضم بالياء المنقطة من تحت بإسناد الفعل إلى الكيد والسحر وقال الفراء أي يخيل إليه سعيها.
المسألة الخامسة:
الهاء في قوله: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ} كناية عن موسى عليه السلام والمراد أنهم بلغوا في سحرهم المبلغ الذي صار يخيل إلى موسى عليه السلام أنها تسعى كسعي ما يكون حيًا من الحيات لا أنها كانت حية في الحقيقة ويقال إنهم حشوها بما إذا وقعت الشمس عليه يضطرب ويتحرك.
ولما كثرت واتصل بعضها ببعض فمن رآها كان يظن أنها تسعى، فأما ما روي عن وهب أنهم سحروا أعين الناس وعين موسى عليه السلام حتى تخيل ذلك مستدلًا بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقُوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس} [الأعراف: 116] وبقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى} فهذا غير جائز لأن ذلك الوقت وقت إظهار المعجزة والأدلة وإزالة الشبهة فلو صار بحيث لا يميز الموجود عن الخيال الفاسد لم يتمكن من إظهار المعجزة فحينئذ يفسد المقصود، فإذن المراد أنه شاهد شيئًا لولا علمه بأنه لا حقيقة لذلك الشيء لظن فيها أنها تسعى، أما قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً موسى} فالإيجاس استشعار الخوف أي وجد في نفسه خوفًا، فإن قيل: إنه لا مزيد في إزالة الخوف على ما فعله الله تعالى في حق موسى عليه السلام فإنه كلمه أولًا وعرض عليه المعجزات الباهرة كالعصا واليد، ثم إنه تعالى صيرها كما كانت بعد أن كانت كأعظم ثعبان، ثم إنه أعطاه الاقتراحات الثمانية وذكر ما أعطاه قبل ذلك من المنن الثمانية ثم قال له بعد ذلك كله: {إِنَّنِى مَعَكُمَا أَسْمَعُ وأرى} [طه: 46] فمع هذه المقدمات الكثيرة كيف وقع الخوف في قلبه والجواب عنه من وجوه:
أحدها: أن ذلك الخوف إنما كان لما طبع الآدمي عليه من ضعف القلب وإن كان قد علم موسى عليه السلام أنهم لا يصلون إليه وأن الله ناصره وهذا قول الحسن.
وثانيها: أنه خاف أن تدخل على الناس شبهة فيما يرونه فيظنوا أنهم قد ساووا موسى عليه السلام ويشتبه ذلك عليهم وهذا التأويل متأكد بقوله: {لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلى} وهذا قول مقاتل.
وثالثها: أنه خاف حيث بدأوا وتأخر إلقاؤه أن ينصرف بعض القوم قبل مشاهدة ما يلقيه فيدوموا على اعتقاد الباطل.
ورابعها: لعله عليه السلام كان مأمورًا بأن لا يفعل شيئًا إلا بالوحي فلما تأخر نزول الوحي عليه في ذلك الوقت خاف أن لا ينزل الوحي في ذلك الوقت فيبقى في الخجالة.
وخامسها: لعله عليه السلام خاف من أنه لو أبطل سحر أولئك الحاضرين فلعل فرعون قد أعد أقوامًا آخرين فيأتيه بهم فيحتاج مرة أخرى إلى إبطال سحرهم وهكذا من غير أن يظهر له مقطع وحينئذ لا يتم الأمر ولا يحصل المقصود، ثم إنه تعالى أزال ذلك الخوف بالإجمال أولًا وبالتفصيل ثانيًا، أما الإجمال فقوله تعالى: {قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلى} ودلالته على أن خوفه كان لأمر يرجع إلى أن أمره لا يظهر للقوم فآمنه الله تعالى بقوله: {إِنَّكَ أَنتَ الأعلى} وفيه أنواع من المبالغة.
أحدها: ذكر كلمة التأكيد وهي إن.
وثانيها: تكرير الضمير.
وثالثها: لام التعريف.
ورابعها: لفظ العلو وهو الغلبة الظاهرة وأما التفصيل فقوله: {وَأَلْقِ مَا في يَمِينِكَ} وفيه سؤال، وهو أنه لمَ لم يقل وألق عصاك.
والجواب: جاز أن يكون تصغيرًا لها أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي بيمينك فإنه بقدرة الله تعالى يتلقفها على وحدته وكثرتها وصغره وعظمها وجائز أن يكون تعظيمًا لها أي لا تحتفل بهذه الأجرام الكثيرة فإن في يمينك شيئًا أعظم منها كلها وهذه على كثرتها أقل شيء عندها فألقه يتلقفها بإذن الله تعالى ويمحقها، أما قوله: {تَلْقَفْ} أي فإنك إذا ألقيتها فإنها تلقف ما صنعوا قراءة العامة تلقف بالجزم والتشديد أي فألقها تتلقفها وقرأ ابن عامر تلقف بالتشديد وضم الفاء على معنى الحال أي ألقها متلقفة أو بالرفع على الاستئناف، وروى حفص عن عاصم بسكون اللام مع التخفيف أي تأخذ بفيها ابتلاعًا بسرعة واللقف والتلقف جميعًا يرجعان إلى هذا المعنى، وصنعوا هاهنا بمعنى اختلقوا وزوروا والعرب تقول في الكذب: هو كلام مصنوع وموضوع وصحة قوله: {تَلْقَفْ} أنه إذا ألقى ذلك وصارت حية تلقفت ما صنعوا وفي قوله: {فَأُلْقِيَ السحرة سُجَّدًا} [طه: 70] دلالة على أنه ألقى العصا وصارت حية وتلقفت ما صنعوه وفي التلقف دلالة على أن جميع ما ألقوه تلقفته وذلك لا يكون إلا مع عظم جسدها وشدة قوتها.
وقد حكى عن السحرة أنهم عند التلقف أيقنوا بأن ما جاء به موسى عليه السلام ليس من مقدور البشر من وجوه: أحدها: ظهور حركة العصا على وجه لا يكون مثله بالحيلة.
وثانيها: زيادة عظمه على وجه لا يتم ذلك بالحيلة.
وثالثها: ظهور الأعضاء عليه من العين والمنخرين والفم وغيرها ولا يتم ذلك بالحيلة.
ورابعها: تلقف جميع ما ألقوه على كثرته وذلك لا يتم بالحيلة.
وخامسها: عوده خشبة صغيرة كما كانت وشيء من ذلك لا يتم بالحيلة ثم بين سبحانه وتعالى أن ما صنعوا كيد ساحر والمعنى أن الذي معك يا موسى معجزة إلهية والذي معهم تمويهات باطلة فكيف يحصل التعارض.
وقرئ كيد ساحر بالرفع والنصب فمن رفع فعلى أن ما موصولة ومن نصب فعلى أنها كافة وقرئ كيد سحر بمعنى ذي سحر أو ذوي سحر أو هم لتوغلهم في سحرهم كأنهم السحر بعينه وبذاته أو بين الكيد لأنه يكون سحرًا وغير سحر، كما يبين المائة بدرهم ونحوه علم فقه وعلم نحو، بقي سؤالات:
السؤال الأول: لم وحد الساحر، ولم يجمع.
الجواب: لأن القصد في هذا الكلام إلى معنى الجنسية لا إلى معنى العدد فلو جمع تخيل أن المقصود هو العدد ألا ترى إلى قوله: {وَلاَ يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى} أي هذا الجنس.
السؤال الثاني: لم نكر أولًا ثم عرف ثانيًا.
الجواب: كأنه قال: هذا الذي أتوا به قسم واحد من أقسام السحر وجميع أقسام السحر لا فائدة فيه ولا شك أن هذا الكلام على هذا الوجه أبلغ.
السؤال الثالث: قوله: {وَلاَ يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى} يدل على أن الساحر لا يحصل له مقصوده بالسحر خيرًا كان أو شرًا وذلك يقتضي نفي السحر بالكلية.
الجواب: الكلام في السحر وحقيقته قد تقدم في سورة البقرة فلا وجه للإعادة، والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُواْ} الآية.
في أمر موسى للسحرة بالإِلقاء- وإن كان ذلك كفرًا لا يجوز أن يأمر به- وجهان:
أحدهما: إن اللفظ على صفة الأمر، ومعناه معنى الخبر، وتقديره: إن كان إلقاؤكم عندكم حجة فألقواْ.
الثاني: إن ذلك منه على وجه الاعتبار ليظهر لهم صحة نبوته ووضوح محبته، وأن ما أبطل السحر لم يكن سحرًا.
وختلفوا في عدد السحرة فحكي عن القاسم بن أبي بزة أنهم كانواْ سبعين ألف ساحر، وحكي عن ابن جريج أنهم كانواْ تسعمائة ساحر، ثلاثمائة من العريش، وثلاثمائة من الفيوم، ويشكون في الثلاثمائة من الإسكندرية، وحكى أبو صالح عن ابن عباس أنهم كانواْ اثنين وسبعين ساحرًا، منهم اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل، كانواْ في أول النهار سحرة وفي آخرة شهداء.
{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه يخيل ذلك لفرعون.
الثاني: لموسى كذلك.
{فَأَوْجسَ فِي نَفْسِهِ خِيِفَةً مُّوسَى} وفي خوف وجهان:
أحدهما: أنه خاف أن يلتبس على الناس أمرهم فيتوهمواْ أنهم فعلواْ مثل فعله وأنه من جنسه.
الثاني: لما هو مركوز في الطباع من الحذر. وأوجس: بمعنى أسر.
{قُلْنَا لاَ تَخَفْ} الآية. تثبيتًا لنفسه، وإزالة لخوفه.
قوله تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُواْ} أي تأخذه بفيها ابتلاعًا بسرعة، فقيل إنها ابتلعت حمل ثلاثمائة بعير من الحبال والعصي، ثم أخذها موسى ورجعت عصا كما كانت.
وفيها قولان:
أحدهما: أنها كانت من عوسج، قاله وهب.
الثاني: من الجنة، قاله ابن عباس، قال: وبها قتل موسى عوج بن عناق. اهـ.

.قال ابن عطية:

{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)}.
خير السحرة موسى عليه السلام في أن يبتدئ بالإلقاء أو يتأخر بعدهم، وروي أنهم كانوا سبعين ألف ساحر، وروي أنهم كانوا ثلاثين ألف ساحر، وروي أنهم كانوا خمسة عشر ألف، وروي أنهم كانوا تسعمائة، ثلاثمائة من الفيوم وثلاثمائة من الفرما وثلاثمائة من الإسكندرية وكان مع كل رجل منهم حبل وعصى قد استعمل فيها السحر، وقوله: {فإذا} هي للمفاجأة كما تقول خرجت فإذا زيد، وهي التي تليها الأسماء، وقرأت فرقة {عِصيهم} بكسر العين، وقرأت فرقة {عُصيهم} بضمها، وقرأت فرقة {يُخيل} على بناء الفعل للمفعول فقوله: {أنها} في موضع رفع على ما لم يسم فاعله، وقرأ الحسن والثقفي {تُخِيل} بضم التاء المنقوطة وكسر الياء وإسناد الفعل إلى الحبال والعصي، فقوله: {أنها} مفعول من أجله والظاهر من الآيات والقصص في كتب المفسرين أن الحبال والعصي كانت تنتقل بحبل السحر وبدس الأجسام الثقيلة المياعة فيها وكان تحركها يشبه تحرك الذي له إرادة كالحيوان، وهو السعي فإنه لا يوصف بالسعي إلا من يمشي من الحيوان، وذهب قوم إلى أنها ما لم تكن تتحرك لكنهم سحروا أعين الناس وكان الناظر يخيل إليه أنها تتحرك وتنتقل ع وهذا يحتمل والله أعلم أي ذلك كان، وقوله تعالى: {فأوجس} عبارة عما يعتري نفس الإنسان إذا وقع ظنه في أمر على شيء يسوءه، وظاهر الأمر كله الصلاح، فهذا العمل من أفعال النفس يسمى الوجيس وعبر المفسرون عن أوجس بأضمر وهذه العبارة أعم من الوجيس بكثير. و{خفية} يصح أن يكون أصلها خوفة قبلت الواو ياء للتناسب، وخوف موسى عليه السلام إنما كان على الناس أن يضلوا لهول ما رأى والأول أصوب أنه أوجس على الجملة وبقي ينتظر الفرج، وقوله: {أنت الأعلى} أي الغالب لمن ناوأك في هذا المقام، وقرأ جمهور القراء {تلقّفْ} بالجزم على جواب الأمر وبشد القاف، وقرأ ابن عامر وحده {تلقف} وهو في موضع الحال ويصح أن يكون من الملقى على اتساع ويصح أن يكون من المقلى وهي العصا وهذه حال، وإن كانت لم تقع بعد كقوله تعالى: {هديًا بالغ الكعبة} [المائدة: 95] وهذا كثير. وقرأ حفص عن عاصم {تلْقف} بسكون اللام وتخفيف القاف وأنث الفعل وهو مسند إلى ما في اليمين من حيث كانت العصا مرادة بذلك، وروى البزي عن ابن كثير أنه كان يشدد التاء من {تلقف} كأنه أراد تتلقف فأدغم، وأنكر أبو علي هذه القراءة ع ويشبه أن قارئها إنما يلتزمها في الوصل حيث يستغنى عن جلب ألف، وقرأ الجمهور: {كيدُ ساحر} برفع الكيد، وقرأ حمزة والكسائي: {كيد السحر}، وقرأت فرقة {كيدَ} بالنصب {سحر} وهذا على أن {ما} كافة و{كيدَ} منصوب ب {صنعوا}، ورفع {كيدُ} على أن {ما} بمعنى الذي.
و{يفلح} معناه يبقى ويظفر ببغيته، وقالت فرقة معناه أن الساحر يقتل حيث ثقف ع وهذا جزاء من عدم الفلاح، وقرأت فرقة {أين أتى} والمعنى بهما متقارب، وروي من قصص هذه الآية أن فرعون، لعنه الله، جلس في علية له طولها ثمانون ذراعًا والناس تحته في بسيط وجاء سبعون ألف ساحر فألقوا من حبالهم وعصيهم ما فيه وقر ثلاثمائة بعير فهال الأمر.
ثم إن موسى عليه السلام ألقى عصاه من يده فاستحالت ثعبانًا وجعلت تنمو حتى روي أنها عبرت النهر بذنبها، وقيل البحر، وفرعون في هذا يضحك ويرى أن الاستواء حاصل، ثم أقبلت تأكل الحبال والعصي حتى أفنتها ففرت نحو فرعون ففزع عند ذلك وقال يا موسى فمد موسى يده إليها فرجعت عصى كما كانت فنظر السحرة وعلموا الحق ورأوا الحبال والعصي فآمنوا رضي الله عنهم. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {بل ألقوا}.
قال ابن الأنباري: دخلت {بل} لمعنى: جحد في الآية الأولى، لأن الآية الأولى إِذا تُؤمِّلتْ وُجِدتْ مشتملة على: إِما أن تلقي، وإِما أن لا تلقي.
قوله تعالى: {وعِصِيُّهم} قرأ الحسن، وأبو رجاء العطاردي، وأبو عمران الجوني، وأبو الجوزاء: {وعُصيُّهم} برفع العين.
قوله تعالى: {يُخيَّل إِليه} وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، والحسن، وقتادة، والزهري، وابن أبي عبلة: {تُخيَّلُ} بالتاء، {إِليه} أي: إِلى موسى.
يقال: خُيِّل إِليه: إِذا شُبِّه له.
وقد استدل قوم بهذه الآية على أن السحر ليس بشيء.
وقال: إِنما خيِّل إِلى موسى، فالجواب: أنا لا ننكر أن يكون ما رآه موسى تخييلًا، وليس بحقيقة، فإنه من الجائز أن يكونوا تركوا الزئبق في سلوخ الحيات حتى جرت، وليس ذلك بحيَّات، فأما السحر، فإنه يؤثِّر، وهو أنواع.
وقد سُحِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أثر فيه، ولعن العاضهة، وهي الساحرة.
قوله تعالى: {فأوجس في نفسه خيفةً موسى}.
قال ابن قتيبة: أضمر في نفسه خوفًا.
وقال الزجاج: أصلها خِوفة ولكن الواو قلبت ياءً لانكسار ما قبلها.
وفي خوفه قولان:
أحدهما: أنه خوف الطبع البشري.
والثاني: أنه لما رأى سحرهم من جنس ما أراهم في العصى، خاف أن يلتبس على الناس أمره، ولا يؤمنوا، فقيل له: {لا تخف إِنك أنت الأعلى} عليهم بالظَّفَر والغَلَبة.
وهذا أصح من الأول.
قوله تعالى: {وَأَلْقِ ما في يمينك} يعني: العصا {تلقفْ} وقرأ ابن عامر: {تلقَّفُ ما} برفع الفاء وتشديد القاف.
وروى حفص عن عاصم: {تلقف} خفيفة.
وكان ابن كثير يشدِّد التاء من {تلقف} يريد: {تتلقف}.
وقرأ ابن مسعود، وأُبَيُّ بن كعب، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء: {تلقم} بالميم.
وقد شرحناها في [الأعراف: 117]، {إِنما صنعوا كيدُ ساحر} قرأ حمزة، والكسائى، وخلف: {كيد سحر}.
وقرأ الباقون: {كيد ساحر} بألف، والمعنى: إِن الذي صنعوا كيد ساحر، أي: عمل ساحر.
وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: {إِنما صنعوا كيدَ} بنصب الدال.
{ولا يفلح الساحر} قال ابن عباس: لا يسعد حيثما كان.
وقيل: لا يفوز.
وروى جندب بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أخذتم الساحر فاقتلوه، ثم قرأ {ولا يفلح الساحر حيث أتى}، قال: لا يأمن حيث وجد». اهـ.